تجديد النموذج المعرفي لفقه المرأة
1/1/2024
رسالة إلى علماء الأمة:
ألم يأن للذين آمنوا؟
الحمدلله الذي أنزل الكتاب بالحق، ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه، وأرشدهم لطريق معرفته، ودلهم عليه بفضله ومنته، وعرفهم أنه الخالق العدل الرحمن الرحيم، الواحد الأحد العلي العظيم، خلقهم لحكمةٍ وبحكمة، فنشر وطوى، ووحد وفرق، وجمع ونثر، فخلق الإنسان وكرمه بنفخةٍ من روحه، وجعل منه الزوجين الذكر والأنثى، وحّد في أصل النوع، وفرق في نوع الجنس، وصلى الله وسلم على من جمع له الفضل كله، سيد المرسلين وخاتم النبيين ورحمة الله تعالى للعالمين وعلى آله وصحبه ومن سار على هداهم أجمعين.
أما بعد،،
فقد جاء الأمر النبوي والهدي المصطفوي، لورثة النبوة من أعلام الأمة، بتجديد أمر الدين في كل عصر، بما يناسب متغيراته، ويعين الناس على إقامة شعائر دينهم عند تغير الزمان، ويعصمهم من فتنة الدين عند تبدل الأوقات.
فتنبيه العقول وإيقاظ الهمم للتجديد فرض واجب، لما يترتب على التجديد من إحياءٍ للإيمان وبعثٍ على العمل، بينا ينطوي التغافل والتهاون في التجديد على مخالفة السنن الإلهية في الكون، وما من آفةٍ تصيب الناس في دينهم أشد من ترك فريضة التجديد أو عدم القيام بها على وجهها الصحيح، ففي جمود المتغيرات زعزعةٌ للثوابت، وتمييعٌ للدين وتهاونٌ في العمل.
والقصد من هذه الرسالة، تنبيه علماء الأمة لفريضةٍ منسية منذ زمنٍ بعيد، ترتب على إهمالها فسادٌ وطغيان، وظلمٌ وعدوان، ومن ثم الخروج على الشريعة أو عن الدين بالكلية.
وألتمس في مقدمة كلامي المعذرة من الآتي، فالغفلة مستفحلة والأمر جلل، وما عاد الحال يحتمل تطنيب الكلام أو تزويق المقال.
فأقول وبالله التوفيق، إن الفقه المتعلق بشوؤن المرأة، خاصةً ما يتعلق منه بعلاقتها بالرجل، رغم أنه جله إن لم يكن كله من الظنيات، ظل جامدًا على مدى قرون عديدة، وهو بحاجة لنظرة عميقة، وتجديدٍ جذري يبدأ بالنموذج المعرفي الذي قامت عليه الاجتهادات السابقة، ومن ثم، متى توصلنا لنموذج معرفي جديد، يُبنى عليه استنباط لأحكام فقهية محققة للمناط.
وعند النظر والتأمل في النموذج المعرفي القديم، نجد أنه قد قام على أساسين، أو فرضيتين، تبناهما غالب العلماء، وأصبحتا كالمسلمات المعرفية، انطوت عليهما الضمائر، ووزنت بهما الأحكام، وهما:
الفرضية الأولى: أن خلق المرأة إنما كان فرعًا عن خلق الرجل، خلقت لأجله، لتكون مسخرةً له، خادمةً لشهواته وحاجاته، وهذه الفرضية تنفي عن المرأة المنزلة الإنسانية التي أكرمها الله تعالى بها، وربط وجودها بعبادته، “وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون”، فهذه الفرضية تحط من قدر المرأة من المرتبة الإنسانية إلى مرتبة الدواب أو الأشياء، فرُبط وجودها بالرجل لا بالله تعالى، وحُصر دورها في الحياة في علاقتها بالرجل لا بالله تعالى.
ويتفاوت العلماء في هذه النظرة بدرجات مختلفة، منهم من يصرح ويجهر بها، حتى وصفت المرأة بالدابة المسخرة للرجل وما هو أسوأ، وجعل جسدها أو بعضه ملكًـا للرجل بعقد النكاح، فتحول عقد النكاح إلى عقد نخاسةٍ بين مالكٍ ومملوك عوضًا عن أن يكون عقد شراكة بين شريكين في الحياة، ومنهم من يبطن المعنى ويأنف من الألفاظ الصريحة، ويتبنى الموصوف دون الوصف، وقد يلبسه وصفًـا لطيفًـا مزوقًا، وفي كل الأحوال نجد أن مدار الأحكام الفقهية المتعلقة بالمرأة كثيرًا ما تترتب على هذه الفرضية فتأتي مرتبطةً ارتباطًـا وثيقًـا بالرجل تدور حوله، وتقاس به، فلا يتصور الفقيه أن المرأة تقوم بعمل إلا للرجل ومن أجله، وبهذا تفسر النصوص، وتفهم المقاصد وتستنبط الأحكام، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
الفرضية الثانية: أن المرأة سفيهة لا عقل لها، أو في أحسن الأحوال، عقلها دون عقل الرجل، وهذه الفرضية أظهر وأشهر من الأولى، مع أنها مرتبطة بها ارتباطًا وثيقًا، فحط المرأة عن المرتبة الإنسانية لا بد وأن يترتب عليه نفي العقل، كما أن نفي العقل لا بد وأن يترتب عليه النزول عن الرتبة الإنسانية، ولما كانت المرأة سفيهة، كان ولا بد أن تُمنع قيامها بنفسها فضلًا عن غيرها، فهي مخلوق غير عاقل، لا تحسن تدبير أمر نفسها، فلا بد أن يملك الرجل أمرها كله، ذريعة أخرى لاسترقاق الحرائر، ومنعهن من تولي أمورهن، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
وكما في الفرضية الأولى، فهناك درجات متفاوتة في التصريح بسفه المرأة ونفي العقل عنها، فحوى كلام العلماء الأوصاف البشعة الشنيعة، حتى أشار بعضهم أنها في عقلها دون مرتبة التكليف وإنما كلفت لترتدع للرجل، وغير ذلك كثير، لا يخفى على مطالع كتب العلم، ومنهم من يزوق الكلام، ويصل إلى ذات النتيجة.
ويُكتفى هنا بالإشارة دون نقل النصوص والعبارات، إذ ليس القصد استعراض الإساءات والألفاظ البشعة التي وردت في حق النساء في كلام بعض أهل العلم، ولا النيل من أولئك الأعلام الذين قدموا الكثير للأمة فلا ينكر فضلهم مع اختلافنا معهم في هذه الجزئيات، فلكل عالمٍ هفوة ولكل جوادٍ كبوة، وإنما القصد تقرير واقع آن أوان تغييره، ولمّا نرى في طرح العلماء اليوم تباشير التغيير، بل ما نراه حتى الآن في قلة من العلماء، أنفة من بعض تلك الألفاظ، وربما دافع البعض عن تلك الألفاظ بمحاولة نفي المعنى الواضح منها وتجميله، وفي أحسن الأحوال نرى من ينكر الألفاظ فقط وربما محاولة لتغييرها، دون تغيير ما انطوت عليه، ولا النتائج المترتبة عليها.
ومن مظاهر ذلك ما نسمع من كلام مطنب في حق المرأة، يجمل أوصافها ومكانتها ومنزلتها، لكن لا يتجاوز الأمر حد الكلام المنمق فقط، من باب الغواني يغرهن الثناء، ولا نرى تصديقا للكلام بالأفعال، ولا تجديدًا للأحكام، وقد يعقب ذلك حثا على الرفق بالمرأة بكلام نسمع في الرفق بالحيوان مثله وأجمل منه.
وربما ثار الناس في بعض النواحي من شدة الظلم والعدوان المترتب على الأحكام الفقهية التي جردت النساء من الحقوق، وسلمت أمورهن بالكلية للرجال، وأوكلتهن لأخلاق الرجال من شاء أحسن ومن شاء أساء، فإذا علت الأصوات وارتج المجتمع، سارع أهل العلم بإصدار فتوى تحل تلك المشكلة فقط في تلك المنطقة فقط، مثال ذلك الفتوى التي أصدرها الأزهر مشكورًا، بعدم الزيادة على المهر في الخلع موافقة للنص النبوي، خلافًا للمذاهب الأربعة، وهو المعمول به في مصر حاليا، وإن كانت مثل تلك الفتاوي مهمة لرفع اشكالٍ قائم، ومنع ظلمٍ مستفحل، إلا أن الفتاوي الجزئية وحدها، في منطقة بعينها، ليست حلًا جذريًا ولا علاجًا وإنما مسكنا، ولا يليق بالأمة المحمدية أن تكون الحلول لإشكالاتها مجرد ترقيع لخرق هنا وهناك، وقد انتشر الفساد، واتسع الخرق على الراقع،
فلا بد من حلول جذرية، ولا بد من تجديد الأحكام الفقهية.
والنموذج المعرفي المقترح في هذه الورقة هو نقيض سابقه، ويقوم على أهلية المرأة العقلية وكرامتها الإنسانية، أي أننا بحاجة لنموذج معرفي يرى المرأة إنسانًا عاقلًا، اشتركت مع الرجل في النوع الإنساني “ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها” (الروم، 21)
من أنفسكم أي من نوعكم، ففي الآية امتنان الله تعالى على الإنسان أن خلق زوجا له من جنسه الإنساني، فترتب السكن على إتحاد النوع، فهو يسكن إليها وتسكن إليه، لا على مقصد الخلق، فالإنسان ذكرًا وأنثى، خلق لعبادة الله تعالى وحده لا شريك له، ولكل منهما دور في عمارة الأرض، بعضه متعلق بالآخر، فالرجل زوج وأب وابن وأخ، وكذلك المرأة زوجة وأم وابنة وأخت، وبعضه لا يتعلق بالآخر، فلا يتوقف واجب العمارة على الزواج والإنجاب والأسرة، بل الأسرة أحد أوجه العمارة، ولا يقال أن من لا أسرة له يسقط عنه واجب عمارة الأرض فضلا عن واجب العبادة.
والعقل لا ينفك عن الإنسانية، فتعريف الإنسان أنه حيوان ناطق أي عاقل، أي أن العقل هو ما يميز الإنسان عن غيره من الأحياء، وهو مناط التكليف، ونفيه عن المرأة نفي لإنسانيتها، ولا يقال أن الانتقاص منه ليس نفيًا له، فالقول أن الرجل أعقل من المرأة قول يفتقر للدليل وشواهد الواقع تخالفه، فرجحان العقل يترتب على العلم و التربية والعمل والتجربة، فمن وجد نصيبًا وافيًا من ذلك تم عقله، ومن لم لم.
أما الذكاء فيتفاوت الناس فيه ذكورًا وإناثًا، فلا يقال جنس أذكى من جنس بل شخص أذكى من شخص.
وعلى كل فالأحكام التكليفية منوطة بالعقل، أي ضد السفه أو الجنون، وليست منوطة بحدة الذكاء.
والقول أن عاطفة المرأة تغلب عقلها، وتخل برجحانه وتدفعها لارتكاب الحماقات، قول سقيم ملّ الناس منه، وهو ما يدخل في تزويق الكلام، والمراد منه وصف المرأة بالسفه والحط بها عن المرتبة الإنسانية، ولو أردنا أن نصف جنسًا بالسفه لحماقات ارتكبها بعض أفراده، لقلنا لولا سفه الرجال لما ضاعت أعمار الفقهاء من زمن أبي حنيفة حتى يومنا هذا في الفتاوي المتعلقة بالطلاق من نوع لو طلعت طالق ولو نزلت طالق، ولو دخلت طالق ولو خرجت طالق، والقسم بالطلاق في البيع والشراء، وفي لعب نرد في المقهى وعزومة عشاء، وطلق غاضبا، وهل نحسب الثلاث واحدة، ولفظ الطلاق ولم ينوه، ونوى ولم يتلفظ، وقال ولم يقل، وأنكر وأقر وغير ذلك من تلاعب وعبث بالأسرة، مضحكٍ مبكٍ على مدى قرون، و لا نجد من يقول أن ذلك يخل بعقول الرجال ولا يوصمون بنقص، بل يرى الفقهاء في حماقات الرجال إثراء للفقه، أما ما يصون الأسر في الواقع فالفضل فيه للنساء غالبًا، وهل حفظ الأسر أجيالًا متعاقبة إلا حلم النساء على حماقات الرجال، فمن السفيه ومن العاقل؟
إلا أن السيل قد بلغ الزبى..
والحاصل هنا، أن المطلوب في النموذج المعرفي المساواة في الإنسانية والعقل بين الرجال و النساء، وإن اختلفت الطبائع والأمزجة والأدوار في الحياة، فلا يخل ذلك ولا يقدح بميزان الإنسانية والعقل، ويكفي أن التكليف شمل المرأة والرجل دليلًا على تلك المساواة، ففعل الله تعالى أبلغ وأعظم من قول البشر وتصوراتهم، وما دام الحق جل في علاه قد كلف الذكور والإناث، ففي فعله هذا إثبات العقل للمكلف.
وعند الاتـفاق على هذا الميزان وإقامته، يعاد وزن الأحكام الفقهية به، فتستنبط الأحكام وتنتظم الحقوق والواجبات، بناء على أن “النساء شقائق الرجال”، لا مسخرات لهم، بل “لهن مثل الذي عليهن”، ولا يتعارض ذلك مع القوامة التي فرضها الله تعالى على الرجل، فالقوامة تكليف بواجبات، وقيام بمهمات، لا سيطرة وتحكم وعنف وتجبر، “لست عليهم بمصيطر”.
ومتى اتسقت الحقوق والواجبات، واعتدل الميزان، عندها تأتي “وللرجال عليهن درجة”، أي درجة التكليف بالزيادة على الحقوق بحسن الأخلاق، أما تجريد النساء من الحقوق ثم إيكالهن لأخلاق الرجال فنتيجته الحتمية ظلم وطغيان، “كلا إن الإنسان ليطغى” ، وقد آن الأوان لتفعيل الشرع برفع الظلم، وإحقاق الحق وإبطال الباطل.
فالشرائع إنما جاءت لتحكم بين الناس عند الخلاف، فإذا لم يكن هناك ميزان من الشريعة يعرّف الحق والباطل بوضوح، مع منح طرف دون آخر السيطرة الكاملة، وحرية التصرف التامة، كما هو الحال الآن، أدى هذا لتعطيل دور الشريعة في حياة الناس، فإنما نزلت الشريعة لتحكم بين الناس في حال الخلاف، والخلاف نتيجة البغي والفساد، فأنى للأخلاق أن تسود في حال وجود البغي دون ميزان الشرع؟
يقول الله تعالى: “كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه، وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم، فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم” (البقرة، 213)
فلو استوت أخلاق الناس لما كان هناك حاجة لإرسال الرسل وإنزال الكتب، وإنما بعث الله النبيين لاختلاف الناس، وأنزل الشريعة لتحكم في الخلاف الناتج عن البغي، فلا بد من تفصيل الأحكام بما يضمن حقوق المختلفين، لا أن يوكل طرف إلى طرف، فإذا ظهر البغي لا يكون في الشريعة ما يحق الحق ويبطل الباطل.
ثم إن ميزان الحسن والقبح عند الأشاعرة هو الشرع،
ومـا لـعـقـلٍ وحـده توصـلُ ****** إلى قـبـيـحٍ أو إلى مــا يــجــملُ
بل ما بفعله أمرنا فالحسن ****** وضده انقاد لقبحٍ بالرسن
فإذا أباح الشرع أمرًا، رآه الناس مرضيًا، وخُلقًا سَنيا، فنرى عبثًا من الرجال بالنساء، وظلمًا وفسادًا، وهم يرون أقبح ما يأتونه حسنا، لأن الشرع أباحه لهم، لأن العلماء آثروا تسليم أمور النساء للرجال وإيكالهن للأخلاق، فإن كان ميزان الأخلاق هو الشرع، والشرع قد أباح، فكيف يفهم الرجال أن ما يأتونه سوء خلق؟ ثم تركت النساء دون وضع أية أحكام تحميهن من عبث الرجال وظلمهم وتعديهم، فالرجل يعتدي عليها بالشرع، ويظلمها بالشرع، ولا تشريع يردعه، ولا تشريع يحميها من ظلمه، وإذا اشتكت النساء عند العلماء أمروهن بالصبر، دون نصرتهن، ملوحين بالوعد بالجزاء الآخروي تارة، وبالوعيد أخرى.
والأدهى والأشد، تحايل بعض الفقهاء بالمخارج الفقهية لإباحة التعدي والظلم، كما نرى على سبيل المثال من إفتاء الفقهاء لمن يريد أن يحرم بناته من الميراث، بأن ينذر ماله للذكور دون الإناث من أولاده، وغير ذلك كثير ليس المجال هنا بسطه، ومرده النموذج المعرفي المختل، إذ يرى الفقيه في مثل هذه الحالات، أن المرأة لا تصلح لأن ترث، ولا تصلح لهذا وذاك، فيظن أنه أحسن في فتواه ولا يعلم أنه ظلم وخالف مقاصد الشرع وإن لم يكن شذ عن ظاهره، فمثل هذا التحايل حاصل في الأمة من فقهائها فيما فيه نصوص صريحة وحقوق معرفة، فكيف تؤمن أخلاق عوام الرجال عند نفي الحقوق بالكلية؟ والله المستعان.
أما اكتفاء العلماء بالإنكار على الرجال وضع سلطتهم في غير محلها، دون إيجاد مخرج للنساء، والاكتفاء بإيكال أمرهم لله تعالى في الآخرة، كما يحصل عند شكوى النساء من عبث الرجال في الطلاق والمراجعة مثلا، فهو تنصل من العلماء عن واجبهم، فإقامة ميزان العدل في الآخرة من شأن ملك الملوك “لمن الملك اليوم”، لم يتعبد خلقه به، وإنما تعبدهم بإقامة العدل في الدنيا والأخذ على يد الظالم، ووضع تشريع يمنع الظلم ويردع الظالم وينصف المظلوم، وهو واجب العلماء، والأقبح من تقاعسهم عن إقامة ميزان العدل في الدنيا، هو أمرهم المظلوم بالإحسان إلى الظالم، والتسامح معه، دون رفع الظلم، أو إحقاق حق وإبطال باطل، فخلطوا مفاهيم الإحسان بالهوان، والتسامح باستمراء الظلم.
وإذا كانت المعاملات التجارية فصلت فيها الحقوق والواجبات بين الشركاء بعدل وإنصاف، ولم تترك لأخلاق طرف دون آخر، حفظًا للحقوق ومنعًا لضياع الأموال، فالأولى حفظ الأسر ومنع ضياع النساء والعيال.
وختامًا، فإن البغي والظلم في الأمة قد اشتد وعظم، ولا ينكر ذلك عاقل مطلع على الواقع، وللأسف تظلم النساء بالشرع، وبه تنتهك حقوقهن، بل وفي بعض الأحيان تهتك حرماتهن، ولا يزال أهل العلم في خوف وتردد من استنباط أحكام تنصف النساء مخافة أن تخرج النساء عن سيطرة الرجال، ولا تزال عقدة سفه النساء وضرورة بقائهن مسخرات للرجال متحكمة في فهم العلماء للشريعة، وبلغ شدة تحكم هذا الأمر فيهم أنهم آثروا التمسك به والحرص عليه على الحرص على عقيدة الأمة، فاليوم المسلمات يرتددن عن الإسلام بعد ما نالهن من ظلم وتعسف مبرر بالأحكام الشرعية.
أفما آن الأوان لتجديد النموذج المعرفي للأحكام الفقهية؟
ألم يأن للعلماء أن ينهضوا بذلك التجديد بشجاعة وقوة قبل فوات الأوان؟
أسأل الله تعالى أن يوفق ويسدد علماء الأمة لهذا التجديد بما فيه رضاه وإحياء الأمة، وأن يكشف بهم الظلمة، حتى تقر بهم عين الحبيب يا كريم يا مجيب
وصلى الله تعالى على سيدنا محمد الهادي الدليل، الشفيع النذير، ناصر الحق بالحق دالّ عليه، مبيد جيش الأباطيل، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم وسار على نهجهم في كل حين.
وأستغفر الله تعالى من كل خطأ وزلل، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
آمين،،
التعليقات
برجاء ذكر عنوان المقال عند التعليق
ebtihal.coach@gmail.com
© 2024. Coach Ebtihal Aljifri Lifestyle Development Consultancy. License No. CN-5315708. ADCCI No. 8800074026

